حكم عمل المراة
قال اللَّه تعالى : ] وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الأُولَى [ [ الأحزاب :
33 ] .
قال ابن كثير رحمه اللَّه في تفسير هذه
الآية : أي : الزمن بـيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة ، ومن
الحوائج الشرعية : الصلاة في المسجد بشرطه كما قال رسول اللَّه (صلي الله عليه وسلم) :
(( لا تمنعوا إماء
اللَّه مساجد اللَّه وليخرجن وهن تفلات ))([1]) ( غير متطيـبات ) وفي رواية : (( وبـيوتهن خير
لهن )) ، وروى الحافظ
البزار عن أنس رضي اللَّه عنه قال : جئن النساء إلى رسول اللَّه
(صلي
الله عليه وسلم) وقلن : يا رسول اللَّه ذهب الرجال
بالفضل والجهاد في سبـيل اللَّه تعالى ، فما لنا من عمل ندرك به عمل المجاهدين
في سبـيل اللَّه تعالى ؟ فقال رسول اللَّه (صلي
الله عليه وسلم) :
(( من قعدت - أو كلمة
نحوها - منكن في بـيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبـيل اللَّه
تعالى ))([2]) ، وعن النبـي(صلي
الله عليه وسلم) قال :
(( إن المرأة عورة
فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر
بـيتها )) أخرجه الحافظ
البزار والترمذي .
وفي الحديث : (( صلاة المرأة في
مخدعها أفضل من صلاتها في بـيتها ، وصلاتها في بـيتها أفضل من صلاتها في
حجرتها ))([3]) . وقوله تعالى : ] وَلاَ
تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [ .
قال
مجاهد :
كانت المرأة تخرج تمشي بـين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية الأولى . وقال
قتادة : كانت لهن مشية وتَكَسُّر وتغنج فنهى اللَّه سبحانه وتعالى عن
ذلك .
وقال مقاتل :
التبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويـبدو
ذلك كله منها وذلك التبرج ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج([4]) .
انتهى .
اللَّه
أكبر ، إن جلوس المرأة المؤمنة بـين جدران بـيتها لا يقل
عند اللَّه تعالى عن الجلوس بـين جدران بـيت اللَّه الحرام ، وإن سعيها في
مخدعها ومطبخها لا يقل عند اللَّه تعالى عن السعي بـين الصفا والمروة . وإن
جلوس المرأة المؤمنة في بـيتها بمثابة عدّاد يعد الحسنات ، فإذا خرجت من
بـيتها ، توقف هذا العداد ، اللهم إلا إذا كان خروجها لحاجة يقرها الشرع
الحنيف . أما إذا خرجت لغير حاجة فإنه قد يعقب توقف عداد الحسنات دوران عداد
السيئات .
إن
المرأة المؤمنة التي تَقَرُّ في بيتها تثاب من ناحيتين : من ناحية امتثالها لأمر اللَّه تعالى بالقرار في
البـيت ، ومن ناحية عدم إيذائها للمسلمين . سبحان اللَّه ! وكأن اللَّه
تعالى يسأل ملائكته عن إمائه المؤمنات - وهو أعلم بهن - يا ملائكتي ، كيف
وجدتم إمائي ؟ وكأنهم يقولون : يا رب أتيناهن وهن في البـيوت وتركناهن
وهن في البـيوت .
أمان
المرأة :
قد
تقول امرأة :
إنني أريد أن أؤمن مستقبلي ويكون لدي مصروف
مستقل ؟
سبحان
اللَّه ! إن أمان المرأة في أن ينفق عليها زوجها ، ويزول هذا الأمان بإنفاق
المرأة على نفسها ، في غير الحالات التي تبـيح للمرأة العمل خارج
بـيتها ، والتي يأتي الكلام عنها إن شاء اللَّه تعالى .
فالمرأة
المؤمنة تجد العزة في الذلة لزوجها في طاعة اللَّه ، وتجد الغنى في إنفاق
زوجها عليها ، ولو كان لا يملك إلا دقل التمر ، وتجد الهواء الطلق في نفس
أولادها ، ورائحة طبـيخها . ولا تعجب من ذلك فإن خلوف فم الصائم أطيـب
عند اللَّه تعالى من رائحة المسك .. احترسي أيتها الأخت المؤمنة ، فإن
الشيطان قد يزخرف لك قائلاً : إذا طلقت ، فأين لك بالمال ؟ وهنا
أجيـب عليك بسؤال ، وهو : هل عندك الآن في البـيت صيدلية فيها كل الأدوية
التي تصلح لعلاج كل الأمراض ، أم أنه عندما يأتيك المرض تحضرين الدواء ؟
إذن لماذا تبحثين عن هذا الأمر قبل وقوعه ؟ وإذا أثارت المرأة هذا السؤال
فإنها بذلك تكون أساءت الظن بربها . وفي (( الصحيحين )) عن رب العزة جل شأنه : (( أنا عند ظن
عبدي بـي )) فمن ظن بربه ظنًّا حسنًا وجد اللَّه تعالى عند حسن
ظنه به ، ومن ظن غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
القوامــة :
قال
اللَّه تعالى : ] الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ [ [ النساء :
34 ] .
قال ابن كثير([5])
رحمه اللَّه تعالى في تفسير هذه الآية : يقول تعالى : ] الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء [ أي : الرجل قيم
على المرأة ، أي : هو رئيسها وكبـيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت
] بِمَا
فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ أي : لأن الرجال
أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة
بالرجال ، وكذلك الملك الأعظم لقوله (صلي
الله عليه وسلم) :
(( لن يفلح قومٌ ولوا
أمرهم امرأة )) رواه
البخاري ، وكذا منصب القضاء وغير ذلك ] وَبِمَا
أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ [ أي : من المهور
والنفقات والكلف التي أوجبها اللَّه عليهم لهن في كتابه وسنة نبـيه (صلي
الله عليه وسلم) ،
فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، وله الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن
يكون قيّمًا عليها كما قال تعالى : ] وَلِلرِّجَالِ
عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [ ، وقال ابن عباس :
] الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء [ يعني : أمراء
عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها اللَّه به من طاعته ، وطاعته أن تكون
محسنة لأهله حافظة لماله . انتهى من ابن كثير .
وفي
(( صفوة
التفاسير )) : ورد النظم الكريم ] بِمَا
فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ ولو قال :
بتفضيلهم عليهن ، لكان أخصر وأوجز ، ولكن التعبـير ورد بتلك الصيغة لحكمة
جليلة وهي إفادة أن المرأة من الرجل بمنزلة عضو من جسم الإنسان وكذلك العكس ،
فالرجل بمنزلة الرأس ، والمرأة بمنزلة البدن ، ولا ينبغي أن يتكبر عضو
على عضو ، فالأذن لا تغني عن العين ، واليد لا تغني عن القدم ، ولا
عار على الشخص أن يكون قلبه أفضل من معدته ورأسه أشرف من يده ، فالكل يؤدي
دوره بانتظام ، ولا غنى لواحد عن الآخر ، وهذا هو سر التعبـير
بقوله : ] بَعْضَهُمْ
عَلَى بَعْضٍ [ فظهر أن الآية في
نهاية الإيجاز والإعجاز([6]) .
انتهى من (( صفوة
التفاسير )) .
لا
تكلف المرأة بشيء من الإنفاق :
وجاء
في كتاب (( المرأة
المسلمة ))
للشيخ وهبي غاوجي : ولا تكلف المرأة
بشيء من الإنفاق ، أمًّا كانت أو أختًا ، بنتًا كانت أو زوجة ،
قادرة على العمل أو عاجزة عنه ، غنية كانت الزوجة أو فقيرة ، كان زوجها
قادرًا على العمل أو عاجزًا عنه ، غنيًا كان أو فقيرًا ، بل ذكر الفقهاء
أن الزوج غير القادر على العمل أو غير الواجد له وهو فقير يكلف بالسؤال لينفق على
زوجته ، ولا يكلف بذلك من أجل أمه ، فإن الزوجة زوجته فقط والأم أمٌّ له
ولأخوته ، أما الأم والأخت إن كانتا غنيتين فتنفقان على أنفسهما من
مالهما ، وإذا افتقرتا كان على الولد والأخ الإنفاق عليهما ولا تكلفان بالعمل
مع قدرتهما عليه([7]) .
انتهى من كتاب (( المرأة
المسلمة )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق